في عصر التحول الرقمي المتسارع، تخطو المملكة المغربية خطوات واثقة نحو تعزيز منظومتها الرقمية من خلال إطلاق تطبيق هويتي الرقمية.
هذه المبادرة الطموحة تأتي كجزء من استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى بناء مجتمع رقمي آمن، وإرساء أسس الإدارة الإلكترونية الحديثة التي تلبي احتياجات المواطنين وتواكب التطورات العالمية في مجال التكنولوجيا والأمن الرقمي.
![]() |
كيف تتخطى تطبيق هويتي الرقمية |
وفي هذه المقالة على وظائف حمزة سنضع بين أيدكم دليل شامل حول كيفية استخدام هويتي الرقمية
ما هي هويتي الرقمية
هويتي الرقمية ليست مجرد تطبيق عادي، بل هي منظومة متكاملة للتعريف الإلكتروني تستهدف بالأساس حاملي بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية من الجيل الجديد.
يتيح هذا التطبيق للمواطنين المغاربة إمكانية التعريف بهويتهم بشكل رقمي آمن وموثوق، سواء عند استخدام المواقع الحكومية أو عند تنفيذ معاملات تتطلب إثبات الهوية أو التوقيع الإلكتروني.
ما يميز هذا التطبيق هو اعتماده على معايير دولية صارمة في مجال التشفير والمصادقة، مما يضمن مستوى عالٍ من الحماية للمعلومات الشخصية.
كما أن "هويتي الرقمية" تمثل نقطة تحول جذرية في العلاقة بين المواطن والإدارة، حيث تنتقل بهذه العلاقة من النموذج التقليدي القائم على الأوراق والوثائق المادية إلى نموذج عصري يعتمد على التواصل الرقمي السريع والمباشر.
الجهات المؤسساتية الفاعلة في المشروع
لم يكن إطلاق هويتي الرقمية نتاج جهة واحدة، بل ثمرة تعاون مؤسساتي متكامل بين عدة هيئات وطنية، تتصدرها:
المديرية العامة للأمن الوطني (DGSN): المسؤولة الأساسية عن إصدار بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية، والتي تشكل العمود الفقري للهوية الرقمية.
الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات (ANRT): التي ساهمت في وضع الإطار التقني والتنظيمي للمشروع.
الوكالة الوطنية للمحافظة على المعطيات ذات الطابع الشخصي (CNDP): التي تضمن احترام خصوصية المواطنين وحماية بياناتهم الشخصية.
هذا التنسيق المؤسساتي ليس وليد الصدفة، بل يعكس نهجاً استراتيجياً واعياً بأهمية الجمع بين خبرات الأمن الوطني، تقنيات الاتصال، ومعايير حماية البيانات لإنجاح مشروع بهذا الحجم والتعقيد.
الأهداف الاستراتيجية وراء إطلاق هويتي الرقمية
تكمن أهمية تطبيق "هويتي الرقمية" في تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي تصب في مصلحة المواطن والإدارة على حد سواء:
- تسهيل الولوج إلى الخدمات العمومية والخاصة
يتيح التطبيق إمكانية الولوج السلس والسريع إلى مختلف الخدمات الإدارية كالتصريح بالضرائب، وخدمات الضمان الاجتماعي، واستخراج السجل العدلي، فضلاً عن الخدمات البنكية والتجارية. وهذا يوفر وقتاً وجهداً كبيرين للمواطن الذي كان يضطر سابقاً للتنقل بين مختلف الإدارات لإنجاز معاملاته.
- الحد من استخدام الوثائق الورقية
يساهم تطبيق "هويتي الرقمية" في تقليص الاعتماد على الوثائق الورقية من خلال توفير بديل رقمي موثوق للتعريف بالهوية والتوقيع عن بعد. وهذا له انعكاسات إيجابية ليس فقط على سرعة المعاملات، بل أيضاً على البيئة من خلال التقليل من استهلاك الورق.
- تعزيز الأمن الرقمي وحماية البيانات
يولي التطبيق اهتماماً بالغاً لأمن المعلومات الشخصية من خلال اعتماد تقنيات متطورة للتشفير والولوج الآمن. وهذا يحمي المواطنين من مخاطر القرصنة وسرقة الهوية، ويعزز الثقة في المنظومة الرقمية بشكل عام.
- تمكين المواطن من التحكم في بياناته
على خلاف العديد من التطبيقات التي تتطلب الوصول غير المحدود للبيانات الشخصية، يمنح "هويتي الرقمية" المستخدم سلطة اختيار المعلومات التي يرغب في مشاركتها مع الجهات طالبة الخدمة. وهذا يعزز مبدأ السيادة الشخصية على البيانات الذي أصبح من المطالب الأساسية في العصر الرقمي.
- المميزات التقنية والخدمات المتاحة في التطبيق
يتميز تطبيق "هويتي الرقمية" بمجموعة من الخصائص التقنية المتقدمة التي تجعله أداة فعالة في منظومة الإدارة الرقمية:
- التحقق الفوري من الهوية
يستخدم التطبيق تقنية الاتصال قريب المدى (NFC) لقراءة الشريحة الإلكترونية المدمجة في بطاقة التعريف الوطنية، مما يتيح التحقق الفوري من هوية المستخدم بدقة متناهية ودون الحاجة لإدخال العديد من البيانات يدوياً.
- التوقيع الإلكتروني المعتمد قانونياً
يوفر التطبيق إمكانية التوقيع الإلكتروني للوثائق بطريقة معترف بها قانونياً، مما يعزز صلاحيتها القانونية ويغني عن الحاجة للتوقيع اليدوي التقليدي. هذه الميزة تفتح الباب أمام إتمام العديد من المعاملات عن بعد دون التنقل.
- نظام الولوج الموحد
بدلاً من الاضطرار لإنشاء حسابات متعددة على مختلف المواقع الحكومية والخاصة، يتيح التطبيق نظام ولوج موحد (Single Sign-On) باستخدام هوية رقمية واحدة، مما يسهل تجربة المستخدم ويعزز الأمان.
- إدارة الصلاحيات والتحكم في الوصول
يمنح التطبيق المستخدم حرية التحكم في صلاحيات الوصول إلى بياناته، بحيث يمكنه منح أو منع الولوج لبعض المعلومات عند التعامل مع جهة معينة. هذه الميزة تضمن خصوصية المستخدم وتمنحه سيطرة أكبر على بياناته الشخصية.
شروط وكيفية الاستخدام
لاستخدام تطبيق "هويتي الرقمية"، يجب على المواطن:
- التوفر على بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية الجديدة (CNIE v2).
- التوفر على هاتف ذكي يدعم خاصية NFC.
- تحميل التطبيق من متجري Google Play أو App Store.
- إتمام مراحل التسجيل داخل التطبيق، والتي تتضمن:
- قراءة البطاقة الوطنية عبر الهاتف.
- إدخال الرمز السري المرافق للبطاقة.
- إنشاء رمز مرور خاص بالتطبيق.
خطوات الاستخدام العملي للتطبيق
- تثبيت التطبيق على الهاتف الذكي.
- قراءة البطاقة الوطنية بواسطة تقنية NFC لتسجيل المعطيات.
- تفعيل الهوية الرقمية عبر رمز سري يتم إنشاؤه من طرف المستخدم.
- الولوج إلى بوابة إلكترونية حكومية أو بنكية واختيار "التعريف عبر الهوية الرقمية".
- إتمام المصادقة أو التوقيع الإلكتروني بناءً على الخدمة المطلوبة.
يتميز تطبيق "هويتي الرقمية" بسهولة الاستخدام، وتتلخص الخطوات العملية لاستخدامه في:
تثبيت التطبيق على الهاتف الذكي من المتجر الرسمي المناسب لنظام التشغيل.
إتمام عملية التسجيل الأولي التي تتضمن قراءة بطاقة التعريف الوطنية بواسطة تقنية NFC، مع التأكد من وضع البطاقة بشكل صحيح على ظهر الهاتف لضمان قراءة ناجحة للشريحة الإلكترونية.
تفعيل الهوية الرقمية عبر إنشاء رمز سري خاص بالتطبيق، يفضل أن يكون مختلفاً عن الرمز السري للبطاقة نفسها لتعزيز الأمان.
الولوج إلى الخدمات المطلوبة سواء كانت بوابات إلكترونية حكومية أو بنكية أو خدماتية، واختيار خيار "التعريف عبر الهوية الرقمية" الذي أصبح متاحاً في العديد من المواقع الرسمية.
إتمام المصادقة أو التوقيع الإلكتروني عند الطلب، وذلك بفتح التطبيق وإدخال الرمز السري الخاص به، ليتم تأكيد الهوية أو التوقيع بشكل آمن.
من مزايا هذه العملية أنها تتم بشكل آني وآمن، دون الحاجة لتبادل نسخ من الوثائق، ودون التعرض لمخاطر تسرب البيانات التي قد تحدث عند استخدام وسائل التعريف التقليدية.
تحديات تعميم هويتي الرقمية والحلول المقترحة
رغم الإمكانيات الواعدة التي يتيحها تطبيق "هويتي الرقمية"، إلا أن هناك مجموعة من التحديات التي قد تعترض طريق تعميمه واستخدامه على نطاق واسع:
محدودية الوعي الرقمي
لا يزال مستوى الوعي الرقمي محدوداً لدى بعض فئات المجتمع، خاصة كبار السن وسكان المناطق النائية. وهنا تبرز الحاجة إلى:
- تنظيم حملات توعوية وتحسيسية على نطاق واسع تستهدف مختلف الفئات.
- إنتاج أدلة استخدام مبسطة بلغة سهلة مدعمة بالصور التوضيحية.
- تقديم دورات تكوينية مجانية في مراكز القرب والفضاءات العمومية.
التوافق التكنولوجي
يتطلب استخدام التطبيق توفر هواتف ذكية داعمة لتقنية NFC، وهو ما قد لا يتوفر لدى جميع المواطنين، خاصة في المناطق ذات الدخل المحدود. لذلك، من الضروري:
- دراسة إمكانية توفير حلول بديلة للمواطنين الذين لا يملكون هواتف متطورة.
- تطوير نسخة مبسطة من التطبيق تعمل على الهواتف الأقل تطوراً.
- إنشاء نقاط خدمة عمومية في المناطق النائية لمساعدة المواطنين على استخدام الهوية الرقمية.
بناء الثقة الرقمية
يشكل بناء الثقة بين المواطن والإدارة الرقمية تحدياً كبيراً، خاصة في ظل المخاوف المتعلقة بأمن البيانات وخصوصيتها. للتغلب على هذا التحدي، يمكن:
- نشر تقارير دورية حول مستوى أمان النظام وإجراءات حماية البيانات المتبعة.
- التواصل الشفاف حول كيفية استخدام البيانات ومع من يتم مشاركتها.
- تطبيق أعلى معايير الشفافية في حالة وقوع أي خرق أمني واتخاذ إجراءات سريعة لمعالجته.
آفاق مستقبلية واعدة لـ هويتي الرقمية
لا تقف طموحات هويتي الرقمية عند حدود تسهيل المعاملات الإدارية الحالية، بل تمتد لتشمل مجالات جديدة من شأنها أن تحدث نقلة نوعية في الخدمات العمومية والخاصة:
رقمنة العمليات الانتخابية
يمكن أن يشكل التطبيق قاعدة صلبة لتطوير نظام التصويت الإلكتروني، حيث يمكن للناخبين الإدلاء بأصواتهم عن بعد بطريقة آمنة ومضمونة، مما يعزز المشاركة السياسية ويقلص تكاليف العمليات الانتخابية.
ثورة في الخدمات المصرفية
يمكن أن تعتمد البنوك والمؤسسات المالية على "هويتي الرقمية" لتطوير خدمات مصرفية متطورة تغني عن الحاجة للتنقل إلى الفروع، مثل فتح الحسابات عن بعد، إتمام التحويلات البنكية، والحصول على القروض دون التوقيع اليدوي التقليدي.
تطوير الخدمات الصحية والتعليمية
يمكن للتطبيق أن يلعب دوراً محورياً في تطوير الصحة الرقمية من خلال تسهيل الوصول إلى الملفات الطبية، حجز المواعيد، والحصول على الوصفات الطبية الإلكترونية. كما يمكنه المساهمة في تطوير منظومة التعليم عن بعد من خلال التحقق من هوية المتعلمين واعتماد الشهادات الرقمية.
تيسير الإجراءات القانونية
يمكن تطوير النظام ليشمل إصدار وثائق رسمية عن بعد مثل عقود الازدياد، الشواهد الإدارية المختلفة، واعتماد التوقيعات الإلكترونية في العقود والمعاملات القانونية.
يمثل تطبيق هويتي الرقمية أكثر من مجرد أداة تكنولوجية جديدة؛ إنه تجسيد لرؤية استراتيجية تهدف إلى تحديث الإدارة المغربية وتعزيز مكانة المملكة الرقمية على المستوى الإقليمي والعالمي. هذه الخطوة تعكس الوعي المتزايد بأهمية التحول الرقمي كرافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إقرأ أيضا: حل مشاكل وكيفية الدخول ل منصة Rosetta Stone
غير أن نجاح هذا المشروع الطموح يبقى رهيناً بعدة عوامل أساسية، أهمها مدى انخراط المواطنين في استخدام هذه التكنولوجيا وتبنيها في حياتهم اليومية.
كما أن دور الدولة يظل محورياً في توفير البنية التحتية اللازمة، تعزيز الثقافة الرقمية بين مختلف فئات المجتمع، وضمان احترام خصوصية الأفراد وأمن بياناتهم.
يمكن القول إن هويتي الرقمية تشكل حجر الأساس في بناء مغرب رقمي عصري، شفاف وآمن، قادر على مواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين وتحقيق تطلعات مواطنيه نحو إدارة أكثر كفاءة وخدمات عمومية أكثر جودة.
للمزيد من المعلومات المرجو زيارة الموقع الرسمي: https://www.identitenumerique.ma/faq.html
أكتب تعليقك هنا، من خلاله شاركنا برايك